الطفل والعوالم الافتراضية
تعتبر تكنولوجيا الاتصال والمعلومات وثقافة الانترنت من أهم سمات العولمة لإسهامها في إحداث انقلابات راديكالية في مفاهيم المكان والزمان والفضاء الاجتماعي ، وذلك بدخولها مضامير الثقافة والفن والتعليم والتواصل الحضاري والإنساني والتسلية والإعلام .. أو بالأحرى أصبحت مؤهلة لتتداخل مع نواحي الحياة كافة ، ولعل هذا الجانب من سماتها يجعلها تعتبر مصدر قلق للكثير للخوف من المستقبل ، الذي يتسم بانزياح الجيل الشاب بعيداً عن الحيز الواقعي إلى الحيز الافتراضي بفعل جاذبيته وقدرته على إتاحة نطاق أوسع من الحرية والاختيار في عالم متغير أصبح يعرف بعالم الوسائط المتعددة ، عالم يشكل من الاتصال والتواصل عبر الانترنت ما يسمى بالفضاء الافتراضي ( cyber , space virtual space (فالوسائط المتعددة تنتج ما يمكن اعتباره شكلاً رقمياً للحواس الإنسانية "بصرية- سمعية- لغوية- حركية" تجعل التواصل في الفضاء الافتراضي ممكناً وممتعاً لدرجة أنه في كثير من الأحيان يحل محل الحيز الواقعي ، هذا الفضاء الافتراضي لا يؤثر على صورتنا عن العالم فحسب .. بل يؤثر على تصورنا عن ذواتنا وعن الآخرين وفي طريقة الحياة والفكر ، فتلك الوسائط التي نستخدمها وتعيننا على أداء الوظائف والتواصل تفعل أكثر من ذلك ، إذ تصبح جزءاً من هوية مستخدميها ، وتتدخل في دورة إنتاج المعنى الوجودي والثقافي بتوسطها للعلاقة بين الدال ومدلولاته ، الأمر الذي يعظم من دورها في تشكيل هوية الأجيال القادمة فمما لا شك فيه أن الكومبيوتر وألعابه والاتصالات عبر الانترنت باتت تمهد لثقافة يصنعها المراهقون والشباب وأخذت تتغلب على الثقافة التقليدية ولعلّ الصغار يجدون خصوصية مفقودة في تلك العلبة المضيئة التي يعبرون منها إلى عوالم افتراضية ، تشحذ خيالهم وتسلّيهم وتشعرهم بالمتعة وهم يقودون تلك العوالم بأطراف سباباتهم الصغيرة